المقدمة:مقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن
نرحب بكم في قناة كنيسة مغربية، قناتكم التي تقدم كل ما يخص الإيمان المسيحي. إذا كنتم جددا في القناة، ندعوكم للإشتراك وتفعيل الجرس حتى تتلقوا كل المواد الجديدة التي نقدمها. وإذا كان لكم أي أسئلة أو تساؤلات، لا تترددوا في كتابتها في التعليقات، وسنكون سعداء بالإجابة عنها.
في هذا الفيديو، سنتناول موضوعا مهما وحساسا، وهو: مقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن. كثير ممن يشككون في مصداقية الكتاب المقدس يستندون إلى ادعاءات تروج في بعض الأوساط، خاصة ممن يتبعون تعاليم القرآن. لكننا اليوم سنستعرض بعض الأدلة التي تثبت مصداقية الكتاب المقدس، وفي المقابل سنكشف بعض التناقضات والتحريفات التي وجدت في القرآن.
ما هو مفهوم “كلمة الله” في المسيحية والإسلام؟
تعريف “كلمة الله” في المسيحية:
في الإيمان المسيحي، تشير “كلمة الله” إلى يسوع المسيح نفسه. يعتبر يسوع الكلمة المتجسدة لله. وفي إنجيل يوحنا (١:١)، نقرأ: “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله.” هنا نرى بوضوح أن يسوع المسيح هو “كلمة الله” التي وجدت منذ الأزل والتي صارت جسدا لتكون وسيلة الفداء للبشرية.
يعتبر الكتاب المقدس إعلانا إلهيا من الله للبشر، لأنه يعبر عن مشيئة الله ويكشف خطته للفداء من خلال الأنبياء والرسل. ويأتي الكتاب المقدس كوسيلة للإعلام عن المحبة الإلهية والخلاص الذي أتى به يسوع المسيح.
مفهوم “كلمة الله” في الإسلام:
أما في الإسلام، فإن “كلمة الله” تشير إلى القرآن الذي يعتبر كتابا نزل مباشرة من الله إلى محمد عن طريق الوحي. ويظهر هذا في عدة آيات قرآنية، مثل قوله تعالى: “وإن أحد من ٱلمشركين ٱستجارك فأجره حتىٰ يسمع كلٰم ٱلله…” (سورة التوبة ٦).
في الإسلام، يعتبر القرآن كلام الله المنزل إلى النبي محمد من خلال جبريل. ويقدم المسلمون القرآن على أنه كتاب نزل بلغته مباشرة مما يعرف بالإملاء القرآني، بينما يكون الوحي الكتابي في المسيحية تدخلا إلهيا يوجه الأنبياء لكتابة ما أراد الله أن يعلنه للبشر.
مصداقية الكتاب المقدس عبر التاريخ
التحقيق النصي والدليل الأثري:
لا يمكننا الحديث عن مصداقية الكتاب المقدس دون الإشارة إلى الدلائل النصية والأثرية التي تدعم سلامته وصحته التاريخية.
- المخطوطات القديمة: أحد أهم الأدلة هي المخطوطات القديمة للكتاب المقدس، مثل البرديات ومخطوطات البحر الميت. هذه المخطوطات تعد من أقدم النسخ للكتاب المقدس، وتثبت أن النصوص المكتوبة في أيامنا هي نفسها التي كتبت في العصور القديمة. ومن بين أهم هذه المخطوطات نجد مخطوطات قمران التي تعود إلى قرابة ٢٠٠ سنة قبل الميلاد.
- كيفية الحفاظ على الكتاب المقدس عبر العصور: على مر التاريخ، قام الكثير من النساخ والمؤمنين بالعناية الفائقة لضمان نقل الكتاب المقدس بدقة من جيل إلى آخر. ويشار إلى أن نسخ الكتاب المقدس بقيت منتشرة في مناطق مختلفة، مما يصعب إمكانية إجراء أي تحريف شامل.
نبوءات الكتاب المقدس المحققة:
لتأكيد مصدر الكتاب المقدس الإلهي، نجد أن نبوءات كثيرة وردت فيه قد تحققت بالفعل عبر التاريخ.
- عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ، نُبُوءَةُ وِلَادَةِ المَسِيحِ فِي مِيخا ٥:٢: “أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة في العشائر، فمنك يخرج لي من يكون متسلطا على إسرائيل”. هذه النبوءة تحققت بولادة يسوع المسيح في بيت لحم كما جاء في الإنجيل.
- نُبُوءَةُ سُقُوطِ مَمْلَكَةِ بَابِلَ فِي إِشَعْيَاءَ ٤٧:١، وهي نبوءة تحققت بعد القرون، فسقوط بابل كان حدثا تاريخيا موثوقا به ويثبت القدرة الإلهية على السيطرة على مسار التاريخ.
مشاكل مصداقية القرآن من منظور النقد النصي.
الاستشهاد بالمصادر الإسلامية التي تعترف بتعدد القراءات
في تراث الإسلام، تتجلى حقيقة تعدد القراءات في الكتب الإسلامية التي تعالج موضوع القرآن. فمن المعلوم أن هناك سبع قراءات متواترة، وقد يصل العدد إلى عشر في بعض التفاسير، كما ورد في كتاب “النشر في القراءات العشر” لابن الجزري، وهذه القراءات قد تحدث فيها فروق معنوية بين نسخ القرآن في مواضع معينة.
على سبيل المثال، في آية سورة البقرة ٢: ١٢٥، وردت في إحدى القراءات كلمة “واتخذوا” بالأمر، بينما في قراءة أخرى جاءت كلمة “واتخذوا” بالماضي، وهذا يغير في تفسير الآية ورسالتها. ومن الأمثلة الأخرى، في سورة المائدة ٥: ٦، في إحدى القراءات وردت كلمة “أرجلكم” بفتح اللام مما يشير إلى وجوب غسل الأرجل، في حين أنها وردت في قراءة أخرى “أرجلكم” بكسر اللام مما يدل على المسح.
تفاوت هذه القراءات في الألفاظ ليس أمرا تقنيا فقط، بل يؤثر على طريقة فهم النص وتطبيقه في الحياة الدينية. على سبيل المثال، قراءة سورة الفاتحة ١: ٤ في قراءتين: “مالك يوم الدين” و”ملك يوم الدين”. في القراءة الأولى، يشار إلى الله ك”مالك”، أي المتحكم في الملكية، بينما في الثانية ك”ملك”، أي الحاكم المطلق. هذه الفروق تضيف تعددية في فهم صفات الله ودوره.
غياب الأدلة الأثرية والتاريخية.
إذا قارنا بين المخطوطات القرآنية القديمة والنسخ التي تأتت في العصور المتأخرة، نجد أن هناك فروقا نصية تجعلنا نتساءل عن كيفية تحفيظ القرآن. على سبيل المثال، مخطوطة صنعاء، وهي من أقدم النسخ التي وجدت للقرآن، تحتوي على بعض الاختلافات في التشكيل والتنقيط، مما يشير إلى أن النص القرآني قد تعرض للتغيير بعد فترة زمنية.
إذا ما قورنت هذه الاختلافات بالنسخ القديمة للكتاب المقدس، سنجد أن هناك تفاوتا كبيرا في الحفاظ على النص. فمثلا مخطوطات البحر الميت والمخطوطة السينائية تظهر دقة في نقل النصوص دون اختلافات تذكر في المعنى الأصلي.
تأثير الحفظ الشفهي على مصداقية النص القرآني.
الإسلام يعتمد بشكل أساسي على الحفظ الشفهي كطريقة لتحفيظ القرآن، ويعتبر الحفاظ هم المصدر الرئيسي لنقل النصوص. ولكن تكمن المسألة في أن التناقل الشفهي، على الرغم من مكانته، يعرض النص للتغييرات الطبيعية التي تنتج عن النسيان والتحريف المقصود والغير المقصود بعد مرور العقود. فحتى في التفسير الإسلامي، توجد قصص تشير إلى أن بعض الصحابة قد نسوا آيات معينة، كما ورد في الأثر عن أبي موسى الأشعري أنه قال: “نسينا سورة كنا نقرؤها”.
التحريف القرآني وأثره على المصداقية
التغيير في النسخ والقراءات:
من أكثر النقاط حساسية عند دراسة القرآن هو وجود تعدد القراءات، وهذا الأمر يؤثر على المعنى الأصلي للنص. عند نظر الدارسين إلى مجموعات النسخ القرآنية، يجدون تفاوتا في القراءات والتفسيرات. فمثلا، قراءة “مالك يوم الدين” وقراءة “ملك يوم الدين” تغير المعنى بين مفهوم السيادة والحكم. هذه الاختلافات تثير التساؤل حول دقة النص الأصلي وأثر تعدد القراءات على الفهم اللاهوتي.
الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الخلافات بين الصحابة حول القرآن:
في الأحاديث الصحيحة، تم توثيق خلافات بين الصحابة حول قراءة القرآن. مثال على ذلك، الحديث الذي ذكر فيه محمد أن القرآن نزل على سبعة أحرف. هذا يشير إلى أن الصحابة كانت لديهم اختلافات في نطق وفهم القرآن، مما يضع نقطة تساؤل كبيرة حول مصداقية النسخة الموجودة حاليا.
على سبيل المثال، الحديث الذي يرويه عمر بن الخطاب، حين سمع هشام بن حكيم يقرأ آيات من القرآن بطريقة مختلفة عن ما تعلمه هو. فغضب عمر، ولما شكا ذلك إلى النبي، أخبرهما أن كلتا القراءتين صحيحتان وأن القرآن قد نزل على أكثر من حرف. هذه القصة تدل على وجود تفاوت في طريقة نطق النصوص وفهمها حتى في أوائل أيام الإسلام.
فكل هذه الخلافات التي وردت في الأحاديث تعطي إشارة إلى أن نقل القرآن لم يكن خاليا من التحديات، ويضيف عامل شك حول مصداقية النسخة القرآنية الموجودة حاليا.
دور البشر في نزول القرآن.
في التراث الإسلامي، ترد أحاديث تبين وجود تطابق بين قول بعض الصحابة ونزول آيات قرآنية، مما يثير تساؤلات حول مصدرية القرآن. فمن المعروف أن عمر بن الخطاب، على سبيل المثال، وافق قوله نزول آيات عدة. وفي حديث أخرجه مسلم عن ابن عمر، أن عمر قال: “وافقت ربي في ثلاث: في الحجاب، وفي أسرى بدر، وفي مقام إبراهيم.” هذا الحديث يشير إلى أن قول عمر قد جاء موافقا لنزول آيات قرآنية في هذه المواقف.
ومن الأمثلة الأخرى، ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أنس، حيث قال عمر: “وافقت ربي – أو وافقني ربي – في أربع: نزلت هذه الآية ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، فلما نزلت قلت: فتبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت فتبارك الله أحسن الخالقين.” هذه الرواية تظهر أن قول عمر قد صار جزءا من الوحي.
وفي رواية أخرى أخرجها ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ذكر أن يهوديا قال لعمر بن الخطاب: “إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا.” فرد عمر عليه قائلا: “من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين.” ثم نزلت الآية على لسانه بالتطابق مع ما قاله.
ومن الأمثلة المشابهة أيضا ما روي عن سعد بن معاذ، حين سمع ما قيل في قصة عائشة، فقال: “سبحانك هذا بهتان عظيم”، ونزلت الآية بنفس العبارة في سورة النور.
هذه الأمثلة تعزز نقطة التساؤل حول طبيعة القرآن ومصدريته، إذ تظهر فيها موافقات بين قول بعض الصحابة ونزول الآيات، مما يفتح باب النقاش حول دور البشر في نزول القرآن.
موقف التراث الإسلامي من جمع القرآن:
في التراث الإسلامي، تم توثيق عملية جمع القرآن في عهد الخليفة عثمان بن عفان، حيث أمر بجمع المصاحف وحرق ما سواها لتجنيب الخلاف بين القراءات. هذه العملية تتضمن عنصر تغيير وتحكيم بشري في حفظ النص، مما يجعل المسألة أكثر تعقيدا.
الحديث عن الروايات التي تشير إلى أن بعض الآيات ضاعت أو تم تعديلها:
في ميراث الحديث، وفي بعض الكتب الإسلامية التراثية، توجد روايات تشير إلى فقدان بعض الآيات أو تعديلها. مثلا، الحديث الشهير عن “آية الرجم” التي يقول فيها الصحابة إنها كانت في القرآن ولكنها لم تدون في المصحف. هذا يضع مصداقية النسخة النهائية في محل تساؤل كبير.
التوافق بين الكتاب المقدس والعلم والتاريخ.
كيف ينسجم الكتاب المقدس مع الاكتشافات العلمية والتاريخية؟
إذا تعمقنا في الكتاب المقدس، نجد أنه لا يتناقض مع الاكتشافات العلمية والتاريخية، بل في كثير من الأحيان يؤكد هذه الاكتشافات. مثال على ذلك، عندما نظر العلماء في ما يذكره الكتاب المقدس عن الخلق والطبيعة، وجدوا أنه يقر بحقائق تؤكدها العلوم الحديثة. على سبيل المثال، ما يذكره الكتاب عن كون الأرض معلقة على لا شيء في سفر أيوب ٢٦: ٧: “يمد الشمال على الخلاء، ويعلق الأرض على لا شيء”. هذا الحديث تتفق معه العلوم الفلكية المعاصرة.
وفي مجال التاريخ، تم كشف مزيد من الأدلة الأركيولوجية التي تؤيد سرديات الكتاب المقدس. مثل الاكتشافات المتعلقة بمدينة أور وعلاقتها بإبراهيم وتاريخ الشعوب القديمة، التي يشير إليها سفر التكوين.
مقارنة ذلك مع القرآن:
عندما ننظر إلى القرآن، نجد بعض التفسيرات الإسلامية التي تناقض الأدلة العلمية والتاريخية. مثلا، تشير بعض الآيات في القرآن إلى أن الأرض مبسوطة كما في قوله: “وإلى الأرض كيف سطحت” (سورة الغاشية: ٢٠). هذه النصوص أدت إلى تفسيرات تناقض ما توصل إليه العلم حول كروية الأرض.
بالإضافة إلى ذلك، تناقض بعض الروايات القرآنية التاريخ المعروف. على سبيل المثال، ذكر قصة هامان في القرآن (سورة القصص: ٣٨) كمساعد لفرعون، في حين أن هامان مذكور في التاريخ كشخصية في زمن ملك فارس أحشويروش، وهذا تناقض صريح مع الوقائع التاريخية.
خاتمة:مقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن
في ختام هذا الفيديو مقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن، نكون قد ألقينا الضوء على نقاط مهمة تتعلق بمصدرية القرآن ودور بعض الصحابة في نزول الآيات، وكيف أن هذه الموافقات تفتح باب التساؤل والنقاش حول حقيقة النصوص. نأمل أن تكون هذه النقاشات قد قدمت لكم معلومات قيمة وأثارت التفكير العميق في هذه المواضيع.
لا تنسوا دعم القناة بالاشتراك وتفعيل جرس التنبيهات ليصلكم كل جديد، واضغطوا على زر الإعجاب إذا كان هذا الفيديو قد نال استحسانكم. كما نرحب بتعليقاتكم وآرائكم في قسم التعليقات، ونشجعكم على مشاركة الفيديو مع أصدقائكم لنشر الفائدة. شكرا لكم على متابعتكم، ونلتقي في الفيديو القادم .
المصادر:
https://dorar.net/hadith/sharh/21256